عنوان: "أبي لا يهتم بنا"... حين تختفي التضحيات خلف الصمت

المستشار النفسي والأسري الخضراوي نورالدين
المؤلف المستشار النفسي والأسري الخضراوي نورالدين
تاريخ النشر
آخر تحديث


 

عنوان: "أبي لا يهتم بنا"... حين تختفي التضحيات خلف الصمت

في زوايا كل بيت، هناك قصص تُروى وأخرى تبقى صامتة، لا تُقال ولا تُفهم. من بين تلك القصص، قصة الأب الذي يتحمل أعباء الحياة كلها، يعمل ليل نهار، يواجه ضغوط الدنيا وهمومها، ليضمن أن لا ينقص أهله شيء. ومع ذلك، قد تُقال جملة قاسية من أحد الأبناء أو الزوجة: "أبي لا يهتم بنا."

الوجه غير المرئي للأب

الأب هو العمود الفقري للأسرة. لا يُظهر تعبه ولا يُفصح عن ضعفه، يخرج كل صباح وذهنه ممتلئ بالحسابات: الأقساط، المصاريف، الحاجيات، المستقبل، التعليم، والمرض... قائمة لا تنتهي. يعمل بصمت، يعود متعبًا، ويظن أنه يؤدي واجبه الكامل، لكنّ نظرته تختلف عن نظرة الآخرين.

الفجوة في التواصل

غالبًا ما يُقاس الحب والاهتمام في العائلة بكلمات لطيفة، أو جلسة عائلية دافئة، أو ضحكة مشتركة. لكن الأب الذي يُثقل كاهله العمل والمسؤوليات، قد يُهمِل هذه التفاصيل الصغيرة التي تعني الكثير لأفراد أسرته. لا يعرف أن ابنه كان ينتظر أن يحكي له عن يومه، ولا أن ابنته كانت تود أن يُثني على رسمتها. الزوجة من جهتها قد تشعر بالإهمال العاطفي، رغم أنها لا تشتكي ماديًا.

النية موجودة لكن الوسيلة غائبة

الحب والاهتمام لا يُترجمان دائمًا بالأفعال التي يفهمها الجميع. فالأب يرى أن توفير حياة كريمة هو أسمى درجات الحب، بينما يرى الأبناء أن الجلوس معهم والاستماع إليهم هو دليل الحب. الزوجة قد تشتاق لكلمة طيبة أو دعم عاطفي، بينما هو يظن أن "عدم التقصير" كافٍ.

الحل: جسر من التفاهم

من الضروري أن يدرك كل طرف نوايا الطرف الآخر. على الأب أن يحاول، ولو قليلاً، أن يُعبّر عن مشاعره، أن يكون حاضرًا بجسده وقلبه، لا بماله فقط. وعلى الزوجة والأبناء أن يتعلموا رؤية الجهد غير المرئي، أن يفهموا أن حب الأب قد يكون صامتًا لكنه حقيقي.

الخاتمة

"أبي لا يهتم بنا" جملة تُطلق أحيانًا من دون وعي. لكنها قد تكون خنجرًا في قلب رجل أعطى عمره لراحته. ما أحوجنا إلى إعادة النظر، إلى الحوار، وإلى القرب. فالحب ليس فقط في القول، ولا فقط في الفعل، بل في التلاقي بين القلوب والنوايا.

تعليقات

عدد التعليقات : 1
  • نور15 مايو 2025 في 2:12 م

    شكرا لتوجيه هذا الكلام الجميل في حق الوالد

    إضافة ردحذف التعليق

    » ردود هذا التعليق